الجمعة، 15 فبراير 2013

هموم داعية



    للاسف نقول: أين رجال الدعوة؟..
 كما نقول: أين رجال العلم؟..
    لماذا لا تتكون منهم الأحزاب، أو يكونوا أجزاء من الأحزاب الموجودة  –  كما فى أوروبا، وأمريكا  –  لتمثل رأيا عاما يؤثر على القيادة السياسية ومتخذى القرار لتكون هناك خططا قومية تتبناها الدول الاسلامية؛ ولكن حق القول:
-         "بدء الاسلام غربيا، وسيعود غريبا"..
-         يقول الامام "محمد الغزالى" فى كتابه "هموم داعية":
-"ليس هناك جهد اسلامى واضح لخدمة الرسالة الخاتمة، وتبصرة الناس بما فيها من حق، وخير.. بل الذى يقع داخل الأرض الاسلامية يثير الريب حول القيمة الانسانية لرساله الاسلام، ومدى انتفاع أهل الارض منها، وتلك مصيبة طامة أن يعمل الانسان ضد نفسه، وسمعته، وسواء درى، أم لم يدر فتلك نتيجة تسود لها الوجوه..  ألف مليون مسلم يسكنون أرضا تمتد بين المحيطين الأطلسى، والهادى تحتوى على معاقل الممرات العالمية، وتملك ثلث ثروات العالم السائلة، والجامدة"..
   بدأ الاسلام غربيا، وسيعود غربيا(وهذا التعميم يعنى بين أهله، وغير أهله) يخشى أن يذكره أهله وكأنه عيب؛  يقول الامام:
-"وعندما يتكلم السياسى اليهودى رافعا بيمينه كتابه المقدس.. فهل يسكته سياسى عربى؟"..
   نفضت أوروبا عن كاهلها المسيحية، وعزلت الكنيسة عن الدولة حيث بدأت حضارتهم فى الكهوف المظلمة؛ ولم تنشأ بها حواضر كالحواضر العربية فى اليمن، والجزيرة العربية من أثر الاسثقرار حول منابع المياه؛ فيقول الامام:
-"وأوروبا الآن تحيا بشارات صليبية، وحقائق مادية مقطوعة عن السماء، تحيا بكل مافى الانسان من خصائص عقلية، وغرائز حيوانية، ونظرتها الى الأديان جملة لاتسر، وان خصت الاسلام بشر أكثر"..
   افتبست البروتستانتية - كاصطلاح مسيحى - كثيرا من المبادىء الاسلامية ربما لتدعيم المسيحية التى غاصوا بها فى دياجير الوثنية، وفعل السيخ ذلك ايضا بديانتهم الاسطورية وهى اليوذية فى الهند .. يقول الامام:
-"وقد شعرت أوروبا أن آباء الكنيسة أنفسهم أخذوا يبرزون معنى "التوحيد"، وتخفت أصواتهم، أو يتجاوزون على عجل الكلام عن "الثالوث" وكأنهم يشعرون بما فيه من تناقض، وهذا بلا ريب جنوح الى الاسلام"..
   يقول الامام:
-"يقولون ان أحكام الاسلام قاسية فما الموقف اذا كانت هذه الاحكام هى مالدى اليهود، والنصارى فى الكتاب المقدس؟"..
(تعليق: ولكنهم بعد أن ألغوا هذه الأحكام قاموا باحتلال أراضى الشعوب الاسلامية، واستعبادها، وسفك دماءها، وسرقة تراثها، واستغلال ثرواتها)..
   يقول الامام فى نفس الكتاب:
-"ورجال الكنيسة مشغولون بمحو الاسلام فى أفريقيا، وآسيا، ولاوقت لديهم للتفكير فى حلال، أو حرام"..
(تعليق: لأن محو الاسلام هو الذى يربطهم بالشعوب المسيحية الاخرى، ويعمل على توحيدها..  فالمصلحة، والمنفعة هى وسيلة الترابط بينهم، وليست الكنيسة، ولا الدين المسيحى الذى نبذوه وراء ظهورهم، وحاصروه فى الكنائس..  ففيما يعمل رعاة الكنيسة؟..  وبم يشتغلون؟..  فقد حرم الاسلام الربا كما حرمتها المسيحية من قبل لأن الدين واحد؛ وهو الاسلام من أول ادم علية السلام "ان الدين عند الله الاسلام")..
ويقول الامام فى كتابه:  
-"كان يجب على المسلمين بما أوتوا من أموال طائلة من ثرواتهم المباحة محو هذا النظام باقامة نظام اسلامى، ومؤسسات شامخة تعمل على توطيد النظام الجديد حتى يتبع الناس الحلال، ويتركوا الحرام عندما لا يجدوه أمامهم، ويجدون نظاما آخر أفضل منه"..  
(تعليق: ولكن الفكرة حاربها المسلمون أنفسهم حتى تظل رؤوس أموالهم الهائلة تتدفق بلا انقطاع على بنوك اليهود الربوية لتشغيل عاطلى الغرب، وتنمية شعوبهم بالعلم، وحمايتهم بالطائرات، والأساطيل التى يستخدمونها الآن لابادة المسلمين فى كل مكان، وكل من تسول له نفسه مهاجمة اسرائيل، ومصالحها حتى لو بالكلام.. وقد استطاع النظام الربوى تدمير الأفراد، والشركات حتى الدول، واعلان افلاسها)..
   ويعلق الامام فى كتابه برأى السيد محمود سيف الدين فى مجلة "الاقتصاد الاسلامى"  بأن بولندا تقترب من كارثة مروعة بعدما عجزت عن تسديد 500 مليون دولار قيمة الفوائد المستحقة عن ديونها لعام 1981 وحده، وقد اضطرات إلى اقتراض 350 مليون دولار لتستطيع أداء الفوائد المطلوبة..   
   وهو ينوه في كتابه عن الكاثوليكي الغربى الذي يعي مسيحيته، ويتعصب لها، والشيوعي الروسي الصيني الذي يدافع عن منهجه الوضعي..  أما المسلم المزعوم فهو حيوان مستأنس يشارك هذا، وذاك، ويحيا وسط ضباب فكرى محيط، ولايعى عن محمد شيئا، وهناك ألوف مؤلفة ولدت في وصاية الاستعمار، وسيطرته المادية، والأدبية، ومائلة مع توجيهاته القانونية، والخلقية، والسياسية، والاقتصادية..
(تعليق: إن أغلب الحكام العرب، والمسلمين من هؤلاء الذين وصفهم، ومنهم من تزوج من نسائهم، ومنهم من أمه منهم، ومنهم من يتخذ من الغرب المستشارين، والمساعدين، ومنهم من دون ذلك فهو مستأنس لهم حتى قال أحد الساسة المرموقين هذه الأيام على شاشة التليفزيون المصري إن بعض روؤس الأنظمة تستيقظ في الصباح لترفع سماعة التليفون سائلين إياهم ماذا سيفعلون هذا اليوم؟)..
   أصبح العرب بالإسلام كتابا يقرأ، ويفيد، ويعجب، ويغرى الآخرين بالإقتداء، والمسلمون اليوم مسخرون في الكون لكل ذى غلبة، وبأس..
(تعليق: عادة ما تصب أبحاثهم وثرواتهم في جيوب الغرب، وهم الآن على أبواب الغرب باسطي الأيادى، أو تحت الموائد في انتظار الفراغ من الأكل، وإلقاء السادة لبعض الفضلات بعد إن انفضوا عن الله، ورسوله، وتركوا دينهم لدنياهم، وأسيادهم، وتركوا دنياهم ومصائرهم أيضا لهم)..
   يقول الإمام:
-"إن الأخلاق الشخصية، والإدارية، والاجتماعية أصبحت لدينا شيئا لا يطاق..  فنحن نصنع التقاليد مبنية على التكلف، والمراءاة، وتغطية الحقائق فتقاليد الزواج مثلا تقصم الظهور، وتخلق ألازمات، وتخلف وراءها أحزانا، ومتاعب،  وتقاليد الأعياد كذلك..  بل تقاليد الأحزان أيضا حتى العبادات أفرغت من أجل ماشرعت له..  جاء في الحديث الشريف إن آخر ما يحل من عرى الاسلام الصلاة"..
(تعليق: وهى على مانرى الآن يدخل الإنسان بها كما يخرج منها؛ لم تغير به شيئا؛ لأنه لم ينفعل لها)..
-"قل أغير الله أبغى ربا وهو رب كل شيء ولاتكسب كل نفس الا عليها ولاتزر وازرة وزر أخرى"  الأنعام 164..  يقول الإمام عن هذه الآية:
-"هذا التوضيح لمبدأ المسئولية الشخصية يستبعد أن يكون المسيح ربا، أو فاديا، أو حاملا لخطايا الآخرين،  أومكفرا عنها بدمه"..
(تعليق: الديانة الحالية تتسق مع الرأسمالية المنحلة التي تستبيح كل شيء، وكل قيمة من أجل المال، والمصلحة..  فالفرد يستطيع عمل كل شيء يخطر بباله مادام المسيح قد فداه وتحمل أخطاءه..  فهل اتخذ المسيح المزعوم على نفسه عهدا قال فيه افعل ما شئت فأنا أتحمل عنك ما اقترفت من خطايا، وماستقترف؟..  فما مصير هذا البشر المحمل بالخطايا، وما مصير المسيح نفسه الذي حمل كل هذه الخطايا؛ ولماذا؟..  فإذا كان قانونهم المصلحى الذي يؤمن بالمنفعة، ويعملون به كذلك فأي منفعة بين الطرفين في ذلك..  هل سيأخذ المسيح منهم شيئا بعد هذا التحمل.. لاأدرى!..   لنرى ماذا فعل الأمريكان في العراق حيث تركوا "المتاحف الأثرية" التي تحتوى على التراث الانسانى للنهب، والسرقة..  بل لعلهم نهبوها ليبيعوها كما يبيعون كل شيء،  فقاموا فقط بحماية "وزارة البترول"..  فهؤلاء هم رعاة البقر..  لصوص الأرض، والشعوب؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم عنهم مشيرا إلى علامات الساعة "إذا رأيت الرعاة يتطاولون في البنيان فانتظر الساعة")..
   نقل الإمام نصا لوزير المستعمرات البريطانية محفوظا بالوثيقة 371/5595 بالمركز العام للوثائق بلندن في 9 / 1 / 1938 وكان اسمه "أورمسى غو" وموجها لرئيس حكومته، والنص يقول:
-"إن الحرب علمتنا أن الوحدة الإسلامية هي الخطر الأعظم الذي ينبغي على الإمبراطورية أن تحذره، وتحاربه، وليست انجلترا وحدها التي تلتزم بذلك بل فرنسا أيضا؛ فمن دواعي فرحنا أن الخلاقة الإسلامية زالت، ونتمنى أن يكون ذلك إلى غير رجعة..  إننا في السودان، ونيجيريا، ومصر، ودول إسلامية أخرى شجعنا نمو القوميات المحلية فهي أقل خطرا من الوحدة الإسلامية.. إن سياستنا الموالية للعرب في الحرب العالمية الأولى لم تكن نتيجة متطلبات تكتيكية ضد القوات التركية؛ بل كانت مخططة لغرض أهم هو إبعاد سيطرة الخلافة على المدينتين المقدستين مكة، والمدينة، فان العثمانيين كانوا يمدون سلطانهم إليها لمعان مهمة، ومن أسباب سعادتنا أن "كمال أتاتورك" لم يضع تركيا في مسار علماني فقط..  بل أدخل إصلاحات بعيدة الأثر أدت إلى نقص المعالم الإسلامية لتركيا"..
(تعليق: كان نزع هاتين المدينتين من تركيا إيذانا بسقوط الخلافة التركية، وقد ساعد العرب على ذلك بلا وعى، ولاخبرة في إدارة السياسة الدولية، وربما جهلا)..
   وتسترسل الوثيقة:
-"وفى إيران أيضا وقع مثل ذلك فان "رضا شاه" اتبع سياسة تحد من إرادة، ومقدرات المؤسسات الدينية، وأدخل القبعة من قبل"..
   ولم تنس الوثيقة في ختامها التنبية إلى خطورة الوحدة العربية كتمهيد لوحدة إسلامية، ويحذر الوزير من هذه الوحدة حتى لايواجة الاستعمار خطر عودة الاسلام..
(تعليق: كان جمال عبد الناصر، ومن بعده صدام حسين رمزان لهذا الاتجاه مع إختلاف الظروف، واتحاد نهايتهما مع نهاية مشروعيهما)..  
   وبالنظر الى هذا الاضمحلال في العالم الاسلام – بمساعدة أهله أنفسهم – يقول الشيخ:
-"وخلال سنوات معدودة تجمع النصارى "الكاثوليك" وراء "بابا روما"، ثم تجمع النصارى "البروتستانت" وراء "مجلس الكنائس العالمي"، ثم أنشئت لأول مرة في التاريخ "بابوية" لتجميع النصارى "الأرثوذكس" –  بإيعاز أجنبى – ثم أنشى "مجلس صهيوني عالمي" ليقيم كيانا "لليهود" بعد التيه الذي عاشوا فيه عشرات القرون"..
   ثم يتناول الشيخ في كتاب "حرب أكتوبر" فيقول:
-"بعدما نجح اليهود في الوثوب إلى الضفة الغربية للقناة؛ سيروا دباباتهم نحو السويس لاحتلالها، ورأى المحافظ أن الاستسلام أولى تجنبا للخسائر الكبيرة، وأعد علما أبيضا لرفعه؛  ولكن الشيخ "حافظ سلامة" امام "مسجد الشهداء" صرخ:
-"لن نسلم بلدنا أبدا.. سنموت دونها"..  واحتشد مع إخوانه المدربين على القتال، وساروا على أقدامهم يعترضون الدبابات الزاحفة، ويرمونها بما في أيديهم من متفجرات..  ومرة أخرى انشقت الحناجر بالتكبير، وصرخ أهل الفداء يطلبون الشهادة، وتوقفت الدبابات عن المسير..  فقد أصيبت في مقاتلها، وها هي ذي الأولى تحترق، والثانية تتبعها، والثالثة تعطب، إن الصف كله اختل، وتراجع اليهود مذعورين؛ وقد أحسوا أن الزبانية سوف تتخطفهم إن تقدموا؛  فنكصوا على أعقابهم، ونجت المدينة المعزولة.. تحول المسجد إلى غرفة عمليات باهرة، انه يسهر على الدفاع، وحسب، وإنما يرسل بالمؤن إلى الجيش الثالث الذي كان مستر "كيسنجر" قد خطط له أن يموت جوعا، وعطشا، ورأيت مكاتبات من الشباب المعزولين في الصحراء يطلبون لجنودهم ما يحتاجون إليه، وقلت المآسي شيئا ما  بعد تلك النجدة التي نهض بأعباءها امام مسجد"..
(تعليق: قال لي أحد ضباط هذا الجيش الذى كان محاصرا فيما بعد:
"كان سخطنا كبيرا على "السادات" لهذا الموقف الذي وضعنا فيه، فلم يكن لدينا المؤن، والسلاح، ولم تكن المقاومة الشعبية هى فقط من قامت بصد هذا الاجتياح للمدينة.. بل كنا معهم"..  فلعل السادات كان يغازل أمريكا بهذه الحرب المحدودة، والسريعة، ثم الانسحاب بعد توقف الحرب كي يخرج السوفييت نهائيا من المنطقة، ويعطى الضوء الأخضر للأمريكان ليكونوا جوار أحبائهم اليهود، وكانت النتيجة تخنث العرب بتكرار النماذج الساداتية حتى أضاف الأمريكان العراق إلى فلسطين،  والبقية تأتى طالما وجد بين العرب هذه النماذج الساداتية التي نسيت أن الأمريكان أصلا لصوص أراضى..  فقد سرقوا قارة بأكملها؛ كما سرق أجدادهم الإنجليز قارة استراليا من قبل، وهاهم رعاة الأغنام من العرب قد تعاونوا مع رعاه البقر من اللصوص لبيع 22 دوله عربية تارة أخرى لتوزع بين أمريكا، وإسرائيل، والحبايب من أوروبا( الاستعمار القديم) ممن ترضى عنهم أمريكا ويتبنون سياستها، ودعمها)..
   ويعلق الشيخ في كتابه:
-"والأمر الذي يدعوا إلى الدهشة أن صنيع الرجل الشجاع، وإخوانه الشهداء، أو الذين بقوا إحياء قد أهيل عليه التراب عمدا..  إن أهل السويس يعرفون رجلهم كما يعرفون أبناءهم، وكان جزاؤه السجن، والاتهام بالجنون، والتربص به حتى سنحت فرصه فاعتقل بين الرجال الذين أمر باعتقالهم قبيل مصرعة، إن القادة الكبار، أو الساسة المسؤلين كانوا دون مستوى الجيوش التي فرضوا عليها،  وعلى المستوى السلمي أعدوا لكي يضربوا بيد من حديد كل يقظة في بلادهم"..
(تعليق: وقد قامت أمريكا فعلا بإنشاء إدارة خاصة في قلعتها الشيطانية "البنتاجون" لتقوم بهذا بين الشعوب أيضا؛  فأداء الحكام وحده لا يكفى، والدعوى هي أن أمريكا لا تقهر، ولا يستطيع أحد أن يقف ضدها؛  تماما كما فعل التتار، والصليبيين، والألمان من قبل؛ ولكن أين هم الآن؟!)..
   ويعلق الشيخ على النقاب، وحجب المرأة عن المسجد في كتابه:
-"إن ناسا غلبهم الهوى الجنسي هم الذين شرعوا هذه التقاليد، بعدما تعسفوا في شرح الآيات بتفاسير مرفوضة..  تفاسير لم يقل بها واحد من الأئمة الأربعة الذين انتشر فقههم في طول البلاد وعرضها، وكانت النساء في العصر الأول تصلى التراويح في مساجد خاصة، وكن يبايعن الإمام على نصرة الاسلام، ومكارم الأخلاق..  كما كان لها أيام الرسول مبايعة خاصة كما ورد فى آخر سورة الممتحنة،  إن الاسلام يؤخذ من كتاب الله، وسنة نبيه".. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق