الاثنين، 14 يناير 2013

العرب المسلمون فى الأندلس


                              
-    يعبر "طارق بن زياد" مولى "موسى بن نصير".. وأحد أتباعه المضيق الفاصل بين أوروبا، وأفريقيا عام 92هـ(711م).. ليتقابل مع "رودريك".. ملك القوط فى "فحص شريش" على رأس جيش من البربر(أهل شمال أفريقيا الأصليين)..  ولم تمض سنة حتى فتحت "قرطبة، ومالقة، وطليطلة"..
-    يعد موسى بن نصير عامل "الوليد بن عبد الملك" على "القيروان" عدته سنة 712م ليلحق بمن سبقوه.. وتتركز دعائم الفتح الاسلامى بالأندلس بفتح "مريدة"، "وسرقوسة"، وغيرها من مدن أسبانيا حتى تجاوز جبال البرينة(البرانس) الى فرنسا.. فغزا بلادا منها "نربونة"، وقد عزم على مواصلة الفتح فى أوروبا حتى ينفذ الى الشام عن طريق القسطنطينية.. فيتم له فتح العالم المعمور يومها، والذى لم يكن باقيا منه سوى أوروبا.. حيث كانت غارقة فى الجهل، والانقسام..
-    شب الخلاف بين موسى، وطارق، واشتد الخلاف حتى دعاهما "الوليد بن عبد الملك"(من خلفاء الدولة الأموية) الى دمشق للنظر فى أمرهما.. فذهبا الى دمشق عام 94هـ..  ليتحاكما الى الخليفة الذى توفى أثناء جلسات التحاكم.. وخلفه أخوه "سليمان بن عبد الملك" الذى كان بينه، وبين موسى، وأولاده ضغائن.. فسجنه، وأوعز الى بعض أمراء الأندلس أن يقتلوا ابنه "عبد العزيز" الذى خلفه على الأرض المفتوحة، وجعل عاصمته "اشبيلية".. أما طارق.. فلم يذكر التاريخ ماانتهى اليه أمره..
-    عاد العرب مرة أخرى الى حلم موسى بن نصير فى غزو أوروبا.. ثم التوجه منها نحو الشرق مرة أخرى.. مرورا بالقسطنطينية، ولكن عن طريق آخر هذه المرة.. فأنفذ الخليفة سليمان بن عبد الملك أخيه "مسلمة بن عبد الملك" سنة 98هـ.. لحصار القسطنطينية حتى توفى سليمان، وتولى "عمر بن عبد العزيز" سنة 99هـ.. فسحب الجند.. فعادوا بعدها الى السعى فى ذلك عن طريق الأندلس مرة أخرى..
-    توالى على الأندلس عدة أمراء.. فتحوا كثيرا من المدن جنوبى فرنسا.. لم تثبت أقدامهم الا فى بعضها.. ومن هؤلاء الولاة:    
- أيوب بن حبيب                      (715-715م)..
- الحر بن عبد الرحمن               (715-718م)..
- السمح بن مالك                      (718-720م)..
- عبد الرحمن بن عبد الله الغافقى (721-721م)..
- عنبسة بن سحيم                     (721-725م)..
- عزرة بن عبد الله الفهرى         (725-725م)..
- يحيى بن سلمة الكلبى              (725-728م)..
- حذيفة بن الأحوص                (728-728م)..
- عثمان بن أبى نسعة               (728-729م)..
- الهيثم بن عبيد                      (729-729م)..
- محمد بن عبد الله الأشجعى      (729-730م)..
- تولى "عبد الرحمن الغافقى" الامارة مرة أخرى(730-732م).. فاستنفر المسلمين لهذا الغرض.. وجعل عاصمته "قرطبة"..
- استفاد عبد الرحمن من فشل أسلافه الأقربين، ووضع خطة طامحة للفتح، ووضع سياسة راشدة لادارة الأمور خلال العامين الذين تولى فيهما الحكم.. فكانت خطته أن يواصل الفتح فى أوروبا.. ليعم الاسلام كل العالم، ويصير البحر المتوسط بحرا اسلاميا خالصا.. فيبدأ بعد أسبانيا(الأندلس) بفرنسا، ويثنى بألمانيا.. فالمملكة الرومانية.. حتى ينتهى الى الشام.. مقر الخلافة الأموية..
- كانت فرنسا(الغال، أو غاليا) فى ذلك الوقت قد تقلص عنها ظل الدولة الرومانية، وتولتها عائلة "جرمانية" تسمى "ميروفيجان".. كان أول ملوكها "كلوفيز" الذى حكمها سنة 481م، وتتابع الحكم فى أولاده حتى أوائل القرن الثامن الميلادى.. فضعف أمرهم، وانفرد رجال الدولة بالنفوذ، ومنهم "قارله شارل مارتل" من الافرنج.. وزير الملك، ورئيس بلاطه فى ذلك الوقت..
- كانت غاليا تنقسم الى مقاطعات، وهى "سبتمانيا"، وعاصمتها "نربونة" فى الجنوب، وقد دخلت فى حوزة المسلمين، يليها "أكتانيا" الى الشمال، وعاصمتها "تولوزة".. يحكمها الدوق "أود" الافرنجى، وحدودها نهر اللوار شمالا، ونهر الرون شرقا، وجبال البرينة(البرانس) جنوبا، والأقيانوس غربا، وكانت مقاطعة "نوستريا" فى أقصى الشمال، ووراءهما أوستراسيا، وحاكمها قارله شارل مارتل المذكور..
- رأى عبد الرحمن – وهو فى طريقه الى الفتح – أن يبدأ بأحد قادة المسلمين من البربر اسمه "المنيذر" تقع امارته شرق جبال البرينة(البرانس) يخالفه هذا الرأى فى الفتح، ويأبى الاتحاد مع العرب، فضلا عن تحالفه مع الدوق "أود" بأكيتانيا الذى زوجه ابنته "لمباجة" لتأكيد هذا التحالف.. فبغته عبد الرحمن فى امارته، وقتله.. فلما اطمأن عبد الرحمن من ناحيته.. أمن على الأندلس.. فاخترق بلاد الافرنج حتى الشمال دون أن يستطيع أحد صده.. حتى وصل الى مدينة "بوردو".. ففتحها، وقتل حاكمها الكونت..
- أعد الفرنجة عدتهم بين سنتى 730-732م  لواحدة من المعارك الفاصلة فى التاريخ عامة – وليس فى التاريخ الاسلامى فحسب – وهى معركة "تور"، أو "بواتييه"(بلاط الشهداء) فى أكتوبر عام 732م.. فهزموا العرب، وقتل الأمير عبد الرحمن.. بعد أن وحد قارله شارل مارتل الفرنجة كلهم لهذا الغرض..   
- عادت فلول الجيش المنسحب الى قرطبة التى استقلوا بها، فتتابع ولاتها كالآتى:
-         عبد الله بن قطنى                (732-734م)..
-         عقبة بن حجاج                  (734-740م)..
-         عبد الله بن قطنى(مرة ثانية) (740-740م)..
-         بلج بن بشر                      (740-741م)..
-         ثعلبة بن سلمة العاملى         (741-742م)..
-         أبو الخطار محمد بن ضرار (742-744م)..
-         ثوابة بن سلمة                   (744-746م)..
-         عبد الرحمن بن كثير           (746-746م)..
-         يوسف الفهرى                  (746-755م)..

الأمويون فى الأندلس
- ينقض الأمير "عبد الرحمن بن معاوية" على الأرض المفتوحة عام 139هـ(756م) ليجد تناحر العرب، والبربر قد جاوز حده.. بعد أن فر بأهله الى مصر، ومنها الى المغرب.. هربا من العباسيين فى الشرق، فيسترجع ملك أجداده الضائع، ويوحد الشمل، ويبسط نفوذه على كل الأندلس.. فيلقب "بصقر قريش"، أو "عبد الرحمن الداخل"، وتصبح قرطبة عاصمة ملكه، ليبدأ بذلك عهد الدولة الأموية بالأندلس..
- يتولى الحكم بعده ابنه "هشام"، ثم "الحكم"، ثم "عبد الرحمن الثانى بن الحكم".. ثم يتوالى الولاة كالآتى:
-         عبد الرحمن الأوسط            206-238هـ(822-852م)..
-         محمد بن عبد الرحمن           238-273هـ(852-886م)..
-         المنذر بن محمد                  273-275هـ(886-888م)..
-         عبد الله بن محمد(أخو المنذر) 275-300هـ(888-912م)..
- يتولى "عبد الرحمن الثالث" الملقب "بالناصر" فى الفترة من سنة 300الى 350هـ، وهو أول خليفة من ملوك الأندلس..
- يتولى بعده "الحكم بن عبد الرحمن" الملقب "بالمستنصر"..
- ثم "هشام الثانى" الذى بويع بالخلافة من سنة 366-399هـ(976-1009م).. ولكنه خلع..
- ثم "المنصور بن أبى عامر" الذى كان رجلا عاديا.. يقوم برعاية هشام الثانى.. حيث عمل حاجبا للخليفة، وتلقب بالمنصور.. فستأثر بالحجابة سنة 367-392هـ(978-1002م)..
- ورثها بعد ذلك لابنه "عبد الملك" الذى تلقب "بالمظفر" من 393-399هـ(1002-1008م)..
- ثم خلفه أخوه "عبد الرحمن" لعدة شهور، وتلقب "بالمأمون".. ولكنه قتل فى نفس العام.. لتنتهى فترة الحجابة بثورة "محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر" الملقب "بالمهدى".. لتبدأ فترة الفتنة من 399-422هـ(1009-1031م).. ثم يتوالى الولاة من العرب الأمويين، والبربر خلال هذه الفترة كالآتى:
-         محمد المهدى                       399-400هـ(1008-1009م)..
-         سليمان المستعين                  400- 400هـ(1009-1009م)..
-         محمد المهدى(ثانيا)               400-400هـ(1009-1010م)..
-         هشام المؤيد                         400-403هـ(1010-1013م)..
-         سليمان المستعين(ثانيا)           403-407هـ(1013-1016م)..
-         الناصر على محمد حمود         407-408هـ(1016-1018م)..
-         عبد الرحمن المرتضى            408-409هـ(1018-1018م)..
-         المأمون القاسم بن حمود          408-412هـ(1018-1022م)..
-         المعتلى يحيى بن حمود            412 -413هـ(1022-1023م)..
-         المأمون القاسم بن حمود(ثانيا)   413-414هـ(1023-1023م)..
-         عبد الرحمن المستظهر            414-414هـ(1023-1023م)..
-         محمد المستكفى                      414-416هـ(1023-1025م)..
-         المعتلى يحيى بن حمود             416-417هـ(1025-1027م)..
-         هشام المعتد                           417-422هـ(1027-1031م)..
- تبدأالفترة الثانية بالحكم المغربى - الأسبانى من حكام "الطوائف"، و"المرابطين"، و"الموحدين"..

دولة المرابطين
    خرج "المعز بن باديس" والى طرابلس(أفريقية) عن "الخلافة الفاطمية بمصر"..  وأعلن انفصاله السياسى، والروحى سنة 440هـ بقطع الدعوة للخليفة الفاطمى، ودعا "للقائم أبى جعفر العباسى".. فأشار "اليازورى" وزير الخليفة "المستنصر" باعداد العدة لترحيل قبائل "بنى هلال"، و"زغبة"، و"سليم"، و"رباح"، و"عدى"، و"ربيعة" الى المغرب، وتولية مشايخهم أعمال أفريقية، وهى قبائل كانت تقيم فى "نمير".. ثم "الحجاز"، وتفرقوا بين "بادية الشام"، و"الطائف".. فكانوا يغيرون على أطراف "الشام"، و"العراق"، وعلى الحجاج فى موسم الحج.. فلما ظهر "القرامطة" انضموا اليهم، وعندما انهزم القرامطة بالشام أيام "العزيز بالله".. نقلهم الى مصر، وأنزلهم بالجانب الشرقى من "الصعيد".. فأقاموا هناك، وأضروا بالبلاد..
    اندفعت هذه القبائل تخرب، وتدمر.. فدفعت قبيلة "لمتونة" الصنهاجية من جوف الصحراء لتستقر بالمغرب الأقصى.. حيث أقامت امبراطورية كبرى هى امبراطورية "المرابطين".. وقد عملت هذه القبيلة بالرعى، وكان يسودها الجهل، والالحاد.. الا بعض زعمائها، وعلى رأسهم "يحيى بن ابراهيم".. الذى تأثر بتعاليم أحد زعماء "فاس" المقيمين بالقيروان، وهو الفقيه "أبو عمران الفاسى".. فطلب منه أحد تلاميذه لتعليم قبيلته العلوم الدينية.. فأرسل اليهم الفقيه "عبد الله بن ياسين" من قبيلة "جزولة".. ولكنهم لم يستجيبوا له، وتذمروا عليه.. خاصة بعد وفاة زعيمهم يحيى بن ابراهيم.. فلم يستطع خلفه "يحيى بن عمر" منع الصنهاجية من مطاردة عبد الله بن ياسين.. الذى خرج قاصدا بلاد "السودان".. فخرج معه يحيى بن عمر، وأخيه "أبو بكر".. فاستقر الثلاثة فى جزيرة تقع فى "السنغال الأدنى".. حيث أسس عبد الله بن ياسين "رباطا" أقبل عليه عدد كبير من رؤوساء القبائل.. تتلمذوا على يديه.. حتى صاروا ألوفا مؤلفة من المخلصين لدعوته.. فكون منهم جيشا بقيادة يحيى بن عمر اجتاح كل القبائل البربرية التى لم تستجب لدعوته سلميا، ولكن يحيى قتل فى احدى الحروب.. فخلفه أخوه أبو بكر، وابن عمه "يوسف بن تاشفين".. فكون المرابطون امبراطورية كبرى امتدت من "بجاية" شرقا.. الى "السوس الأقصى" غربا، ومن "تفيللت" شمالا.. الى "السودان" جنوبا..
    أسس يوسف بن تاشفين عاصمة جديدة سنة 454 هـ(1062م) أسماها "مراكش".. وفى سنة 479هـ  جاز "المعتمد بن عباد" قاصدا يوسف بن تاشفين فى مراكش مستنصرا به على "الفونسو السادس" ملك "قشتالة".. فعبر يوسف بن تاشفين البحر بجيش هائل من مدينة "سبتة" ليلتقى بجيوش الأندلس من "مرسية، والمرية، واشبيلية"، واشتبكت جيوش المسلمين مجتمعة مع جيوش الفونسو السادس فى موقعة "الزلاقة" بين عامى 479-480هـ.. فانتصر المسلمون انتصارا حاسما.. اجتاح على أثره المرابطون بلاد الأندلس، وأطاحوا بعروش ملوك الطوائف، فقضى على ملك "عبد الله بن الزيرى بغرناطة"، و"المعتصم بن صمادح بالمرية"، و"بنى هود بسرقسطة"، و"بنى طاهر بمرسية"، و"بنى عباد باشبيلية".. وتسمى يوسف بن تاشقين "بأمير المسلمين".. ولما توفى سنة 500هـ(1106م) خلفه ابنه "على بن يوسف".. الذى اتخذ لقب أبيه، وسار سيرته أول حكمه، ولكنه مال الى الزهد، والتبتل.. فترك الأمر لأمراء الأقاليم، وظهر الفساد فى أرجاء المملكة، وعاثت قوات الفونسو بأراضى الأندلس، واجتازت بلاد المسلمين، واستولت على "قرطبة".. فلما وجد أهالى الأندلس عجز المرابطين عن حمايتهم.. خلعوا سلطانهم، ودعوا للموحدين..


دولة الموحدين
    نشأت حركة الموحدين بجهود "محمد بن تومرت" الذى نشأ فى بلاد "السوس" من جوف مراكش.. حيث يسكنها بربر جفاة.. تغلب عليهم طباع السذاجة، وسهولة الاقتناع، والاعتقاد فى القوى الخفية، مع وعورة فى الطبع، وحدة فى الخلق..
    ولد محمد بن تومرت سنة 485هـ(1092م).. من قبيلة "هرنمة" من قوم يعرفون "بالشرفاء" ميسورى الحال.. اهتم بالدرس، والتحصيل، والترحال فى سبيل ذلك منذ سن مبكرة.. فقام بالدعوة لنشر تعاليمه فى التوحيد، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر أينما حل.. فحارب فكرة التجسيم لدى البربر فى عهد المرابطين، وذهب الى أن صفات الله فى ذاته، كما قام مبدأه على أن الشريعة الاسلامية يجب أن تقوم على القرآن، والأحاديث.. دون اللجوء الى تعاليم الفقهاء القائمة على القياس، والاجماع، وكان يبطن شيئا من التشيع.. فصرح بأنه المهدى المعصوم بما ادعى له من نسب الى النبى صلى الله عليه وسلم..
    قسم محمد بن تومرت أتباعه الى فئات.. حسب درجاتهم فى اتباع تعاليمه، واختار منهم "عبد المؤمن بن على الكومى" خليفة عقد له لواء جيش عظيم.. اتجه نحو مراكش عاصمة المرابطين.. التى انتقلت اليها أسباب الترف الأندلسى.. فدعوهم بدعوتهم التى رفضها المرابطون.. فأعلنت الحرب التى انتصر فيها المرابطون، وتشتت جيش الموحدين، وقتل منهم خلق كثير، ونجا عبد المؤمن.. ففرح ابن تومرت بنجاته، وقام بتأميره على جماعته، وأمرهم بمبايعته عندما أحسن بدنو أجله سنة 524هـ(1130م)..
    كان على عبد المؤمن أن يقضى على دولة المرابطين، ويضم أفريقيا الى المغرب، ولكنه خاف حدوث ماوقع له من هزيمة.. فجمع اليه القبائل القاطنة بجبال الأطلس الأوسط، والقاطنة بالمغرب الشمالى، والأوسط، وأخذ يناوش المرابطين حتى وهن أمرهم.. فقام بجيوشه نحو "تلمسان" ليتراجع عنها المرابطون نحو "وهران" التى حاصرها، واستولى عليها، وقتل جميع من فيها من المرابطين، ثم اتجه الى "فاس".. فحاصرها، وفتحها، وأثناء حصاره لها استولى على "مكناس"، ولم يبق أمامه سوى مراكش.. التى هاجمها، واستولى عليها سنة 541هـ(1147م)..
    بعد فتحه لتلمسان.. بعث الى الأندلس بعشرة آلاف فارس.. نزلوا ساحل الخضراء.. فدخلوا اشبيلية سنة 540هـ.. ثم افتتحوا "مالقة" فى نفس السنة، واستعادوا المرية من الروم سنة 546هـ.. وبايع أهل الأندلس الخليفة عبد المؤمن ليستقر الموحدون بالأندلس، وبقى أمامهم ضم الأجزاء الشرقية من المغرب الأوسط الخاضعة "لبنى حماد" وأفريقية التى عاشت فيها قبائل العرب الهلالية، ومزقتها غاراتهم.. فقام عبد المؤمن بمحاصرة "بجاية" حتى سقطت هى، وقلعتها، وأعمالها.. فرتب عليها من كبار رجاله من يقوم بحمايتها، والدفاع عنها.. حيث استعمل عليها ابنه "عبد الله".. ولكن بنو هلال خافوا من هذا الخطر الجديد الذى أخذ يهدد ممتلكاتهم بعد انقطاع ماكانوا يغلونه من دولة بنى حماد.. فسارت جيوشهم نحو بجاية لاسترجاعها.. فلما علم بذلك عبد المؤمن أثناء عودته الى مراكش.. أرسل اليهم جيشا من 30 ألف فارس.. قابل هؤلاء العرب فى "سطيف" سنة 547هـ.. فقضى عليهم، وحمل الموحدون زعماء العرب معهم الى مراكش.. حيث استقبلهم عبد المؤمن استقبالا طيبا، وأقطعهم أجزاء كبيرة من بلاد المغرب، وجندهم، واستنفر قبائلهم بأفريقية لاستخدامهم فى غزو الأندلس..
    أعد عبد المؤمن جيشا كبيرا لفتح"تونس" مدعما بأسطول ضخم عن طريق البحر، وكانت "صقلية" قد خرجت من حكم المسلمين، وبذل حكامها "النورمان" جهودهم لبسط سيطرتهم على سواحل أفريقية.. فاستولوا على "قابس"، و"المهدية"، و"سفاقس"، و"سوسة".. فاستطاع عبد المؤمن فتح تونس عنوة سنة 553هـ(1158م).. واتجه بعد ذلك الى حصار "المهدية".. وكانت محاطة بسور عريض يفتح فقط الى البحر عن طريق دار الصناعة.. ففتحها عبد المؤمن بعد أن أمن حاميتها من النصارى.. على شرط أن يتجهوا مباشرة الى صقلية.. ثم مضى فى الفتح الى "سفاقس"، و"قابس"، و"طرابلس"، و"الجريد".. فامتدت مملكته من طرابلس شرقا، حتى السوس غربا..
    وفى عام 556هـ(1161م).. خرج من مراكش، الى "طنجة" على رأس جيش كبير جاز به الى الأندلس.. ففتح مدنا كثيرة.. ثم عاد عبد المؤمن الى مراكش..
    وفى سنة 558هـ(1162م).. خرج برسم الجهاد، وسار الى "سلا".. فأقام برباط الفتح ريثما تجتمع جيوشه.. ولكنه أصيب بمرض شديد؛ توفى على أثره فى نفس العام..
    تولى بعده "الخليفة أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن.. 558-580هـ(1163-1184م)" الذى جاز الى الأندلس مرتين.. احداها سنة 566هـ من أجل اصلاح الثغور، ومحاربة نصارى بعض الأقاليم، وبقايا العناصر الموالية للمرابطين، والثانية سنة 579هت لمحاربة البرتغاليين.. الذين انتهزوا الفرصة، واستولوا على "شنترين"، و"أشبونة"، و"قصر أبى دانس"، و"باجة"، و"بايرة" فى عهد "الفونسو هنريكى".. الذى يعرفه مؤرخو العرب "بابن الريق.. 1128-1185م" عندما ضعفت دولة المرابطين، وتفككت وحدة الأندلس..  بيد أنه أخفق فى حصار شنترين.. بعد أن ضيق عليها، ولكنه خاف دخول فصل الشتاء، والبرد، وهم جنوده بمغادرة المكان.. فلما رأى البرتغاليون ذلك.. انقضوا عليهم، وفى مؤخرتهم أمير المؤمنين الذى أصيب بسهم مسموم.. مات متأثرا به بعد يومين من عام 580هـ..
    تولى الأمر بعده ابنه "أبو يوسف المنصور" الذى كان عليه أن يواجه الكثير فى المغرب، والأندلس معا، ولكنه كان لابد له من وقفة مع البرتغاليين الذين توغلوا داخل أسبانيا الاسلامية بعد انتصارهم فى شنترين، فجاز اليهم على رأس جيش كبير سنة 585هـ.. فنزل شنترين، وشن الغارات على مدينة "أشبونة"، وحاصر مدينة "شلب"، واستولى عليها.. ثم عاد مرة أخرى الى حاضرة ملكه مراكش فى نفس العام..
    أغارت جيوش "الفونسو الثامن ملك قشتالة" على قلب الأندلس، ووصلوا فى احدى غاراتهم حتى الجزيرة الخضراء سنة 590 هـ(1195م).. فأعد أبو يوسف يعقوب العدة، وسار الى الأندلس سنة 591 هـ.. ثم اتجه الى أشبيلية.. حاضرة الموحدين بالأندلس.. ليخرج بجيش جرار من هناك لمقابلة جيوش الدول المسيحية الشمالية مجتمعة فى موضع يعرف "بفحص الحديد".. بالقرب من "حصن الأرك".. الذى لايبعد كثيرا عن "مدينة بطليوس".. والتحم الجيشان فى قتال عنيف.. انتهى بانتصار الموحدين انتصارا فاصلا.. واصل بعدها أبو يوسف فتحه لبعض المدن المسيحية.. ثم عاد الى أشبيلية بعد ثلاث سنوات.. حيث لقب "بالناصر".. ومن هناك.. عاد الى عاصمته مراكش.. حيث مرض، ومات سنة 594هـ(1198م)..
    بويع "لمحمد" بعهد أبيه سنة 595هـ(1199م).. فكان عليه أن يخمد بعض الثورات التى قامت ضد الدولة فى أماكن مختلفة.. والذى كان أخطرها من جانب "بنى غانية أنصار المرابطين".. وكانوا يحكمون "جزائر البليار".. ولكنهم يئسوا من البقاء فى الأندلس.. فخرجوا سنة 580 هـ من "ميورقة" الى بجاية.. فاستولوا عليها، وأخرجوا من كان بها من الموحدين..
    وبنو غانية يمتون بصلة القرابة الى بنى تاشفين أمراء المرابطين.. حيث قاموا فى عهدهم بولاية "دانية" من مدن شرق الأندلس.. ثم اضطروا الى الخروج عن "دانية" عند قيام الفتنة بالأندلس، وظهور دولة الموحدين.. فامتلكوا جزر البليار "ميورقة"، و"منورقة"، و"يابسة".. واستقل "محمد بن على بن غانية" بحكم هذه الجزر.. ودعا اليها بقايا عناصر المرابطين فى الأندلس متبعا نفسه "لبنى العباس".. ثم خلفه "ابنه أبو ابراهيم اسحق".. الذى تبعه "على بن اسحق".. الذى خرج باسطوله من ميورقة الى بجاية ظنا منه أن الخلاف سينشأ بين خلفاء الموحدين بعد وفاة أبو يعقوب، ومن ناحية أخرى اجتمع مع العناصر الموجودة بالمغرب التى تناهض الموحدين من "هلال"، و"سليم".. ثم "المماليك" وعلى رأسهم "قراقوش"، و"بوزيا".. الذين كانوا حلفاء لهم لاعترافهم "بالخلافة العباسية ببغداد".. وكان انضمام مماليك مصر الى بنى غانية أعداء الموحدين سببا فى غضب أبى يوسف يعقوب على "صلاح الدين سلطان مصر".. مما أدى الى عدم معونته فى جهاده ضد الصليبيين..
    خرج "على بن اسحاق" من بجاية بعد أن وطد فيها سلطانه.. فاستولى على آثار "بنى حماد".. ثم أفريقية كلها.. فيما عدا "تونس"، و"المهدية".. كما استولى على الجزء الشرقى من المغرب الأوسط(الجزائر) حتى "قسطنطينة".. ولكن أبو يوسف يعقوب خرج بنفسه على رأس جيش كبير سنة 1187م لمحاربة "الميورقيين".. فاستولى فى طريقه على "مليانة"، و"الجزائر".. ونزل بالقرب من بجاية حتى التقى "بعلى بن غانية"، وهزمه هزيمة نكراء، وقتل بسبب خذلان المصريين له، وكذلك عرب بنى هلال.. الذين انضموا لمعسكر الموحدين..
    لما قتل "على بن غانية".. خلفه "أخوه يحيى".. الذى ظل يناوىء جيوش الموحدين.. حتى استولى على "جنوب أفريقية"، و"قابس" سنة 1195م.. ثم ضم "مدينة المهدية"، و"تونس" فى عهد خليفة الموحدين أبو عبد الله محمد الناصر بن أبى يوسف يعقوب.. الذى مازال بهم حتى أدخلهم فى طاعته، وكان قد أرسل جيشا الى جزر البليار قبل اشتباكه مع ابن غانية باسطول مجهز سنة 599هـ(1202م) للقضاء على بنى غانية.. ففتح الجزر عنوة، وظل الموحدون يحكمونها حتى فتحها الملك "خايمى الأول ملك أرغونة" سنة 628هـ(1230م)..
    قضى "أبو عبد الله الملقب بالناصر لدين الله" فترة فى اصلاح ماأفسدته الحرب، وسادت فى عهده فترة من السلم، والهدوء، ولكنه نقض الهدنة بينه، وبين الفونسو الثامن ملك قشتالة، وليون.. فخرج اليهم سنة 607هـ.. واستولى على حصنى "اللج"، و"شلبطرة" سنة 609هـ(1212م).. مما أثار ملك قشتالة ضد ماأحسه من خطر الموحدين على "طليطلة".. عاصمة ملكه، بعد أن استدعى فى ذهنه انتصارهم الكاسح عليهم فى "موقعة الآرك".. فأهاب بأهل ملته المسيحيين بأن هذه الانتصارات قد تؤدى الى تحطيم قوى المسيحية فى أسبانيا.. فقام بالدعوة الى ذلك، والى تقارب الأمراء المسيحيين.. مستعينا بأسقف طليطلة "رودريجو خيمنث دى دارا".. فتجمع لديهم جيش عظيم.. هزم الموحدين فى "موقعة العقاب" سنة 609هـ(1212م).. بسبب عدة عوامل أدت الى هذه الهزيمة التى زعزعت القواعد الاسلامية فى الأندلس، وأذنت بغروب دولة الموحدين التى زالت بسقوط مراكش سنة 668هـ(1269م) على يد "بنى حفص" فى المغرب..
    انحصر الحكم الاسلامى بعد ذلك فى رقعة صغيرة على البحر المتوسط.. تولى الدفاع عنها "ملوك غرناطة" طيلة قرنين، ونصف من الزمن.. حتى دب الشقاق بين "بنى الأحمر"، و"بنى مرين" سنة 685هـ(1286م) ليبسط بنو الأحمر نفوذهم على "غرناطة"، ويحتل بنو مرين "جنوب الأندلس"..
    تولى حكم غرناطة "يوسف الأول"، و"محمد الخامس" من حكام "المملكة النصرية".. حيث تم فى عهدهما بناء "قصور الحمراء" الرائعة، و"جنة العريف" المجاورة لها..
    تردت الأحوال تحت وطأة الحرب الأهلية.. التى غذاها "حكام قشتالة، والأرغون"، وتوقفت أيضا المساعدات المغربية، وبسط البرتغاليون نفوذهم على شواطىء الأطلسى.. كل هذا عندما كان الأسبان يستعدون لحرب فاصلة يقتلعون بها جذور الحكم الاسلامى من الأندلس.. حتى خرج منها آخر الحكام "محمد أبو عبد الله" من غرناطة.. ليدخلها قائد جيوش "فرديناند، وايزابيلا" سنة 797هـ(1492م)..

التسلسل التاريخى لأبرز الأحداث:
-         فتح طارق بن زياد لبلاد الأندلس 92هـ..
-         بدء عصر الولاة 95هـ..
-         وفاة موسى بن نصير قائد فتوح الأندلس 97هـ..
-         ولاية عنبسة بن سحيم على بلاد الأندلس 103هـ..
-         فتح مدينة سرقسطة 103هـ..
-         ولاية عبد الرحمن الغافقى على الأندلس 113هـ..
-         معركة بلاط الشهداء 114هـ..
-         عبور عبد الرحمن الداخل من المغرب الى الأندلس 137هـ..
-         عبد الرحمن الداخل يؤسس الدولة الأموية بالأندلس 138هـ..
-         عبد الرحمن الداخل يقضى على ثورة العلاء بن مغيث 146هـ..
-         اعادة بناء سور قرطبة 150هـ..
-         عبد الرحمن الداخل يهزم زعيم الفهرية فى طليطلة 168هـ..
-         بناء المسجد الجامع بقرطبة 169هـ..
-         وفاة عبد الرحمن الداخل.. وولاية ابنه هشام 172هـ..
-         وفاة هشام بن عبد الرحمن.. وولاية ابنه الحكم بن هشام 180 هـ..
-         وفاة الحكم بن هشام.. وولاية أخيه الأوسط عبد الرحمن 206 هـ..
-         عبد الرحمن الأوسط يؤسس مدينة مرسية 216 هـ..
-         وفاة عبد الرحمن بن هشام.. وولاية ابنه محمد 238 هـ..
-         وفاة محمد بن عبد الرحمن.. وولاية المنذر بن محمد 273 هـ..
-         وفاة عباس بن فرناس.. أول من حاول الطيران 274 هـ..
-         وفاة المنذر بن محمد.. وولاية عبد الله بن محمد 275 هـ..
-         بدء الأعمال العسكرية لعبد الرحمن الناصر 300 هـ..
-         بدء حكم عبد الرحمن الناصر.. أقوى حكام الدولة الأموية 300 هـ..
-         عبد الرحمن الناصر يزيد من أبواب قرطبة 301 هـ..
-         عبد الرحمن الناصر يخمد ثورة الموحدين فى اشبيلية 301 هـ..
-         عبد الرحمن الناصر يهزم النصارى عند قرطبة 304 هـ..
-         عبد الرحمن الناصر يسير جيشا لتأديب النصارى 308 هـ..
-         عبد الرحمن الناصر يستولى على مملكة نبرة النصرانية 312 هـ..
-         الناصر يقتحم مدينة شاطبة.. آخر معاقل الثوار ضده 317 هـ..
-         عبد الرحمن الناصر يؤسس مدينة الزهراء 325 هـ..
-         عبد الرحمن الناصر يأمر بترجمة كتب ديسقوريدس 338 هـ..
-         عبد الرحمن الناصر يبنى مدينة المرية 344 هـ..
-         وفاة عبد الرحمن الناصر.. وولاية ابنه الحكم 350 هـ..
-         وفاة قاضى الأندلس منذر بن سعيد 355 هـ..
-         وفاة شاعر الأندلس ابن هانىء 362 هـ..
-         استكمال بناء الزهراء 365 هـ..
-         تجديد قنطرة طليطلة 388 هـ..
-         وفاة المجريطى.. أشهر علماء الأندلس فى الرياضيات 398 هـ..
-         البربر يخربون مدينة الزهراء 399 هـ..
-         وفاة هشام الثانى بن الحكم..  آخر حكام الأمويين 399 هـ..
-         وفاة ابن الفرضى.. أشهر علماء التاريخ بالأندلس 403 هـ..
-         وفاة الرمادى القرطبى.. من مشاهير الأدب الأندلسى 403 هـ..
-         وفاة الزهراوى.. أشهر علماء الطب فى الأندلس 404 هـ..
-         سقوط الدولة الأموية بالأندلس 422 هـ..
-         بدء عصر دول ملوك الطوائف بالأندلس 422 هـ..
-         خضوع مدينة مالقة لحكم المرابطين 483 هـ..
-         قيام دولة المرابطين بالمغرب 484 هـ..
-         نهاية عصر ملوك الطوائف بالأندلس 484 هـ..
-         سقوط بلنسية فى أيدى النصارى 487 هـ..
-         يوسف بن تشفين يسترد بلنسية 495 هـ..
-         وفاة يوسف بن تشفين 500 هـ..
-         سقوط سرقسطة فى أيدى النصارى 512 هـ..
-         سقوط دولة المرابطين 540 هـ..
-         قيام دولة الموحدين 541 هـ..
-         وفاة عبد المؤمن بن على.. مؤسس دولة الموحدين 558 هـ..
-         بناء المسجد الجامع فى اشبيلية 567 هـ..
-         أمير دولة الموحدين يدخل الأندلس 585 هـ..
-         معركة حصن الأرك 591 هـ..
-         معركة العقاب 609 هـ..
-         سقوط مرسية فى يد ملك أرغون 633 هـ..
-         سقوط دولة الموحدين 633 هـ..
-         محمد بن الأحمر يبدأ فى تشييد قصر الحمراء فى غرناطة 635 هـ..
-         قيام دولة بنى الأحمر فى غرناطة 636 هـ..
-         وفاة ابن البيطار.. من أكبر علماء النبات فى الأندلس 646 هـ..
-         سقوط مالقة فى أيدى النصارى 891 هـ..
-         سقوط دولة بنى الأحمر.. آخر دول الأندلس الاسلامية 897 هـ..
-         سقوط الأندلس بخروج أبى عبد الله بن الأحمر من غرناطة 897 هـ..
              


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق